Ultimate magazine theme for WordPress.

الأمن ..ضرورة شرعية

19
سعيد لكراين – باحث في السياسة الشرعية
هل يستطيع الجهاز الأمني تحقيق الأمن وحده و الحفاظ عليه ؟
سؤال طالما تردد الأذهان و حاك في الأنفس و أرق المضاجع….
خصوصا بعد ان أصبح الأمن العملة الصعبة التي تكلف ذهبا و فضة.
حقيقة يكتسي هذا السؤال مشروعيته في الوقت الراهن نظرا لان الحاجة اصبحت ماسة إليه خصوصا بعد أن أصبح المشهد يعج بصور و فيديوهات تهز الوجدان لأرواح تزهق بالشارع العام بلمح البصر، و أخرى لكامرات مراقبة ترصد عمليات سلب و نهب و اعتراض للمارة و اخرى بالهواتف الذكية صورا للانفلات و التسيب…  فتصيبك هذه المشاهد المعروضة على مواقع التواصل الاجتماعي بالصدمة و الذهول و شعور بعدم الأمان و فقدان الثقة في الواقع.
و يتزكى المشهد و يتطعم بعبارات تعليق خارقة تتهم الأجهزة الأمنية بالتقصير و احيانا التستر على المجرمين و المشاركة في هذا المشهد الهجين و المنظر المخيف…!؟؟؟
فهل من مفر!!؟
و هل من مجيب!!؟
للحديث عن الأمن لابد أولا من تحديد مفهومه و معرفة مقصوده، ثم التعريج على اهم الأجهزة المتدخلة فيه.
الأمن هو شعور بالطمأنينة و السكينة و عدم الخوف على النفس و المال داخل مكان محدد و غالبا ما يكون هذا المكان هو البلد او بتعبير حديث الوطن حيث معايش الناس و اقواتهم و سائر مصالحهم. و بالتالي فهو أمر و ضرورة جماعية و إحساس فردي.
و هو بحسب مصادره او الخاجة اليه ينقسم الى اقسام نذكر بعضها للمثال لا الحصر:
الأمن الروحي
الأمن الغذائي
الأمن السياسي
الأمن القومي
الأمن المائي
الأمن الطاقي….
المهم هو المفهوم الخاص للأمن و المبني على توفير الأمان وفق القانون او العرف و الضرب على يد كل من مسه او زعزع استقراره. كما يبدو ان للامن تعلق بالقوة و القانون او العرف فهما متلازمان لا يمكن الاستغناء عن بعضهما البعض.
فالقوة اللازمة لتطبيق القانون و المراعة الأعراف و الضرب على يد المخالف ضرورية لضمان تطبيقه و احترامه. فبدون القوة اللازمة لا يمكن الحديث عن الأمن و لا على تطبيق القانون لان اغلب النفوس لا تنصاع لصوت العقل و نداء القلب و لا تتستجيب لمكارم الأخلاق و فواضل الأمور.
فكان من واقعية الشريعة الإسلامية ان حد في الإسلامية حدودا معلومة بمقادير مضبوطة، مع فتح باب التعازير لردع المخالف و الإجهاد في توقيع العقوبات على الرغم من حثها على العفو و الاقالة.
و صدق عمر بن الخطاب حين يقول لما يزع الله بالسلطان أعظم مما يزع بالقرآن.
و الأمن افضل النعم و اعظمها شأنا فالله سبحانه و تعالى يمن على قريش بنعمة الأمن من الخوف و توفير الرزق الاطعام قال تعالى:
“”الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ””
و قد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك فأعد بعد هجرته الى المدينة العساكر و الجند و العيون،  و جعل يبث في المسلمين روح الأمان و يذكرهم بالنعم التي انعم الله بها عليهم و عمل ايضا على الاقتصاص من الظلمة و سعى الى رد المظالم تارة باللين و الوعظ و تارة بالتهديد و الوعيد و تارة بالقوة و تنفيذ الأحكام و الحدود.
و على هذا سار صحابته رضي الله عنهم جميعا.
فصار الأمن من أمور الدولة و الحكم به تبنى الأوطان و تستقر الأحوال و تتهدن النفوس.
فاذا كان الأمن -و بالطبع- مصدر قوة و استثباب الحكم، فهو ايضا سبب هلاك الشعوب و زوال الأمم. فاذا فقد ساد الظلم و انتشر الرعب و فقد الأمل و زال الولاء و انفض التوافق…
و سارت الأوطان الى المجهول، و أصبحت لقمة سائغة، و أكل القوي الضعيف، و استبيحت الحرمات.
فأصبح الجاهل عالما، و الحقير سائدا، و الوضيع سيدا، و الحق متروك، و الظلم مطلوب.
و زادت الحمية، و قويت العصبية..
و زالت النخوة، و تشتت الرعية، و سيقت كما الأغنام في ظلام حالك بلا رحمة و لا شفقة…
فلا ارحام تنفع ، و لا نسب يشفع و لا صوت يعلو فوق صوت الجاهلية.
في بلد همه الأول هو إشاعة الأمن و التعبئة الشاملة قصد تحقيق الأمان و ضمان الاستقرار كان لا بد من تعلق هذا الامن بالسلطان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.