Ultimate magazine theme for WordPress.

جهاد قبائل إقليم السمارة وفي مقدمتهم الشيخ سيدي أحمد الرقيبي

414

للتعريف بمكانة الإقليم التاريخية وموقعه  الإشعاعي  والحضاري  وانتمائه  المغربي الأصيل في إطار الوحدة الترابية  لابد من إلقاء نظرة ولو وجيزة عن تاريخ هذه المنطقة عبر عصور  متلاحقة .

ومن هذا المنطلق نبرز أن قبائل الصحراء المغربية بصفة عامة وقبائل  السمارة خاصة اعتمدت  منذ القدم  على التجارة  والكسب كحرفة رئيسية وليس ثمة  من شك ان سيطرة السمارة على تجارة  الجنوب  والشرق قد شجع المستقرات  القبلية  على خطوط القوافل  لاسيما  المفضية على شمال  المملكة مما اوجد تحركا قبليا وانتماءا أصيلا  دائما باتجاه هذه الأخيرة ، ولقد  دفع ذلك السلطات  الاستعمارية  على تنظيم  هذه الديموغرافية الساكنة  وإيقاف وغلها فادى ذلك إلى ظهور  حواجز  لحماية المصالح  الاستعمارية  والأطماع  الأجنبية  في المنطقة وكبح هذه الموجة المتدفقة  نحو المناطق  الخصبة والأسواق في شمال المملكة.

والواقع أن الباحث في تاريخ السمارة  القديم والحديث الزاخر بالعديد من المآثر التاريخية  العظيمة التي تشهد  ناطقة بمغربية الصحراء  وهو ارتباط وثيق  وأصيل نابع من أصالة  وعراقة بيعة أهالي قبائل  الصحراء، وحدث عن ذلك وقائع تاريخية ومصادر مكتوبة عن بطولات وأمجاد  ضاربة جدورها في تاريخ المنطقة المجيد .

ففي القرن الثامن الهجري كانت قبائل الشيخ سيدي أحمد الرقيبي سليل الدوحة النبوية الشريفة  وجدت هذه القبائل  الشهمة العريقة بهذا الإقليم  الفتي  التي تكافح  من أجل الوحدة الترابية المغربية بالصحراء  ونشر الإسلام في صفوف  القوافل المارة منها إلى إفريقيا السوداء للتجارة والعلم ، وأسس زاويته  بوادي الساقية  الحمراء  مدينة السمارة  التي كانت نبراسا  وحصنا منبعا  للدفاع عن الوحدة الترابية المغربية للإرشاد والوطنية.

وأمام تزايد تعرض السمارة إلى الأطماع  الخارجية قدم من مدينة مراكش الشيخ العظيم  والولي الصالح سيدي أحمد العروسي  موفدا من طرف السلطان أحمد الذهبي  لمؤازرة ابن عمه  الشيخ الكامل  سيدي احمد الرقيبي  بالساقية الحمراء أمام تحرشات  والتهديدات التي يقوم بها  البرتغال والإنجليز ضد وحدة  المغرب غير أنها تقهقرت  أمام بسالة وشجاعة المغاربة بالجنوب  والتجأ جيوشها نحو البحر ولاذت بالفرار .

وقد قام الوليان الصالحان والمجاهدان الكبيران بالدفاع عن حوزة الوطن  متمسكين بالبيعة التي ورثاها عن جدهما مؤسس المغرب وتركاها في أعناق  أبنائهما ذوي السلالة الشريفة.

وخلاصة القول  عن ما قام به المجاهدان  الكبار من استماتة  في الدفاع عن حوزة  الوطن وصيانة وحدته  الترابية ، عمل  وطني  بطولي ، شهم سجله التاريخ بمداد الفخر  والاعتزاز  ولازالت مآثره  شاهدة وناطقة على بطولة وأمجاد أبناء  قبائل السمارة  الأبطال الأشاوس  الأوفياء المتمسكين  دائما بالبيعة التي ورثوه عن جدهم مؤسس المغرب وتركوها في أعناق أبنائهم ذوي السلالة الطاهرة  الشريفة وهم محافظين عليها إلى ان يرث الله ومن عليها.

والحقيقة التاريخية  التي لامناص من الإشارة إليها في هذا المقام  تؤكد أن الأحداث التي عرفتها أقاليم الصحراء  المغربية لم يكن بمنأى عن مثيلاتها  من الأحداث وعمليات المقاومة البطولية الجريئة في مجموع التراب  الوطني حيث تجاوبت  بنادق  المغاربة  شمال البلاد وجنوبها في شرقها وغربها يحدوهم إيمان قوي بشرعية وعدالة القضية التي يكافحون من اجل مكونة جبهة  موحدة عمل في نطاق ولهدف وغاية واحدة وهي تحرير واستقلال ووحدة البلاد الكاملة في مواجهة جيش الغزاة العرمرم ، المزود بأحداث الأسلحة والعتاد الحربي المتطور من آيات وطائرات استكشافية وحربية مدمرة.

استمرارا للرسالة التي يحملها أبناء هذا الإقليم العزيز إلى جانب العرش العلوي المجيد ، فقد عاش إقليم السمارة كباقي أقاليم المملكة السعيدة  فترة تاريخية هامة في ميدان الكفاح الوطني والتحرير ضد المستعمر الأجنبي الفرنسي والاسباني تأكيدا لهويتهم المغربية وبيعتهم الخالدة وإخلاصهم للعرش العلوي المجيد ووفائهم الدائم للشعار الخالد : الله الوطن الملك

فيما يلي مقتطف من  مجلة الزهراء   لصاحبها سيد بن الشيخ عبد اللطيف الضعيفي الفيتوري
تحت عنوان : رحلة الخير والبركة وصلة الرحم من مولاي إدريس الأكبر إلى رجال الساقية الحمراء
كان هذا العنوان أول برنامج عملي تضافرت فيه جهود روابط وجمعيات الأشراف بالمغرب الكبير وأقطاره الخمس
( ليبيا – المغرب – تونس – الجزائر – موريتانيا )

” كنت أترقب اليوم السابع من أيام الرحلة الموافق يوم الثلاثاء 12/1/2010 بشوق عظيم حيث وحسـب برنامج الرحلة مخصص لزيارة القطب الشيخ سيدي أحمد الرقيبي المشيشي الإدريسي ، فالشيخ سيدي أحمد الرقيبي من العلماء والأولياء البارزين فضلاً عن إنه الجد الجامع للشرفاء الرقيبات بالمغرب وليبيا ومنهم الرقيبات بترهونة وأولاد سيدي عبد الكبير الطياري الرقيبي الذين يتوفرون على مشجرات أنسابهم الشريفة والتي نشرت في مجلة الزهراء الإلكترونية نبذة ضافية عن فروعهم وأصولهم وستكون بتوسع في كتابنا المسمى “موسوعة بهجة المحبين في نسب ومناقب الشرفاء أهل البيت الطاهرين” .

أقول : كانت روحي تسبقني إلى زيارة القطب الشيخ سيدي أحمد الرقيبي ، وقد هيأت السلطات المحلية في السمارة رتل كبير من السيارات رباعية الدفع للذهاب في طريق صحراوي طوله (90) كيلومترا للوصول إلى زاوية سيد ي أحمد الرقيبي بمنطقة الحبشي ، وسار الرتل في سباق يشبه “الرالي” حيث وصلنا إلى الزاوية وهي في صحراء شاسعة لم نجد في طريقها لا قرية ولا نجع ولا ما يدل على أي أثر لتجمع سكاني كبيراً كان أم صغيراً ، وزرنا الضريح وقرأنا فاتحة الكتاب ، ثم دخلنا الزاوية حيث قُدم لنا التمر والحليب واللوز والشاهي الأخضر ، وصلينا الظهر والعصر جمعاً ، وتليت آياتٍ من الذكر الحكيم والصلوات على النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – ثم قُدمت لنا قصاع كبيرة عليها أكداس كبيرة من لحم الإبل لم يتعوده الكثير من أفراد القافلة ، وقد علق أحدهم قائلاً : ((وقعنا بين شقي رحى كرم أولاد أبي السباع والرقيبات)) والحقيقة أن أهلنا في المغرب العربي جميعه يتميزون بالكرم اللامتناهي في كافة مدنه وقراه ، وهذا ما لمسته شخصياً خلال زياراتي المتكررة للمغرب منذ أكثر من خمس وثلاثين عاماً ، فالكرم والجود عادة مغربية أصيلة .

وقد طافت القافلة بمنطقة الشرفاء العروسيين التي يتواجد فيها ضريح سيدي أحمد العروسي وزاوية صلحاء أبناء أبي السباع وركراكة واستُقبلت القافلة بحفاوة بالغة من قبل العشائر والقبائل التي خرجت محيية ومرحبة بالضيوف ، وفي المساء وصلت القافلة إلى منطقة يسمونها “عروس الصحراء” جل مبانيها جميلة وحديثة ونظيفة ، وعرجنا على مؤسسة اجتماعية للرعاية الاجتماعية للأطفال ، حيث قُدمت لنا صحاف التمور والحليب والعسل واحتسينا أكواب الشاي بالنعناع على الطريقة الليبية الشهيرة ، وفي المكان ذاته اطلعنا على معرض هام للمخطوطات والوثائق القديمة أقامه العلامة الشريف عبد الوهاب سيبويه الرقيبي ، وهو من المهتمين بالأنساب والمناقب ، ولا ننسى ما أتحفينا به العالم العلامة الشريف سيدي سيداتي السلامي السباعي ، فقد التحق بالقافلة قادماً من اسبانيا ، وهذا العالم الجليل موسوعة ناطقة جامعة للشعر والتاريخ والأدب والأنساب ولا يتكلم ناطقاً إلا بالعربية الفصحى بدون لحن أو خلط في الحديث ، وكان المرجع إليه دائماً في إبداء الملاحظات التاريخية والجغرافية والأنساب وما يتصل بعلوم القرآن العظيم .”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.